سورة المعارج - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المعارج)


        


قوله عز وجل: {سأل سائل} قرئ بغير همزة وفيه وجهان الأول أنه لغة في السؤال والثاني أنه من السيل. ومعناه اندفع عليهم واد بعذاب وقيل سال واد من أودية جهنم. وقرئ سأل سائل بالهمز من السؤال {بعذاب} قيل الباء بمعنى عن أي عذاب {واقع} أي نازل وكائن وعلى من ينزل ولمن ينزل ولمن ذلك العذاب فقال الله تعالى مجيباً لذلك السؤال.


{للكافرين} وذلك أن أهل مكة لما خوفهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعذاب قال بعضهم لبعض: من أهل هذا العذاب ولمن هو سلوا عنه محمداً فسألوه فأنزل الله تعالى سأل سائل بعذاب واقع للكافرين أي هو للكافرين. والباء صلة ومعنى الآية دعا داع وطلب طالب عذاباً واقعاً للكافرين. وهذا السائل هو النضر بن الحارث حيث دعا على نفسه وسأل العذاب فقال {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك} الآية فنزل به ما سأل فقتل يوم بدر صبراً وهذا قول ابن عباس، {ليس له دافع} أي أن العذاب واقع بهم لا محالة سواء طلبوه أو لم يطلبوه إما في الدنيا بالقتل وإما في الآخرة، لأن العذاب واقع بهم في الآخرة لا يدفعه دافع {من الله} أي بعذاب من الله، والمعنى ليس لذلك العذاب الصادر من الله للكافرين دافع يدفعه عنهم {ذي المعارج} قال ابن عباس ذي السموات سماها معارج لأن الملائكة تعرج فيها. وقيل ذي الدرجات وهي المصاعد التي تعرج الملائكة فيها. وقيل ذي الفواضل والنعم وذلك لأن أفضاله وأنعامه مراتب وهي تصل إلى الخلق على مراتب مختلفة، {تعرج الملائكة والروح} يعني جبريل عليه الصلاة والسلام وإنما أفرده بالذكر وإن كان من جملة الملائكة لشرفه وفضل منزلته. وقيل إن الله تعالى إذا ذكر الملائكة في معرض التخويف والتهويل أفرد الروح بالذكر وهذا يقتضي أن الروح أعظم الملائكة {إليه} أي إلى الله عز وجل: {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} أي من سني الدنيا. والمعنى أنه لو صعد غير الملك من بني آدم من منتهى أمر الله تعالى من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمر الله تعالى من فوق السماء السابعة لما صعد في أقل من خمسين ألف سنة والملك يقطع ذلك كله في ساعة واحدة وأقل من ذلك وذكر أن مقدار ما بين الأرض السابعة السفلى إلى منتهى العرش مسافة خمسين ألف سنة. وقيل إن ذلك اليوم هو يوم القيامة قال الحسن هو يوم القيامة وأراد أن موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس في مقدار خمسين ألف سنة من سني الدنيا وليس يعني أن مقدار طول ذلك اليوم خمسون ألف سنة دون غيره من الأيام لأن يوم القيامة له أول وليس له آخر لأنه يوم ممدود لا آخر له. ولو كان له آخر لكان منقطعاً وهذا الطول في حق الكفار دون المؤمنين. قال ابن عباس يوم القيامة يكون على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة. وروى البغوي بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فما أطول هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا». وقيل: معناه لو ولي محاسبة العباد في ذلك اليوم غير الله لم يفرغ منه خمسين ألف سنة. وهذا معنى قول عطاء عن ابن عباس ومقاتل. قال عطاء: ويفرغ الله منه في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا. وروى محمد بن الفضل عن الكلبي قال: يقول لو ولّيت حساب ذلك اليوم الملائكةَ والجنَّ والإنسَ وطوقُتهم محاسبتهم لم يفرغوا منه إلا بعد خمسين ألف سنة، وأنا أفرغ منها في ساعة واحدة من النهار. وقال يمان: هو يوم القيامة فيه خمسون موطنًا، كل موطن ألف سنة. وفيه تقديم وتأخير كأنه قال: ليس له دافع من الله ذي المعارج في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة تعرج الملائكة والروح إليه.


{فاصبر} أي يا محمد على تكذيبهم إياك {صبراً جميلاً} أي لا جزع فيه وهذا قبل أن يؤمر بالقتال ثم نسخ بآية السيف، {إنهم يرونه} أي العذاب {بعيداً} أي غير كائن {ونراه قريباً} أي كائناً لا محالة لأن كل ما هو آت قريب، وقيل الضمير في يرونه بعيداً يعود إلى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة والمعنى أنهم يستبعدونه على جهة الانكسار والإحالة ونحن نراه قريباً في قدرتنا غير بعيد علينا فلا يتعذر علينا إمكانه {يوم تكون السماء كالمهل} أي كعكر الزيت وقال الحسن كالفضة المذابة {وتكون الجبال كالعهن} أي الصوف المصبوغ. وإنما شبه الجبال بالمصبوغ من الصوف لأنها ذات ألوان أحمر وأبيض وغرابيب سود ونحو ذلك فإذا بست الجبال وسيرت أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح. وقيل العهن الصوف الأحمر وهو أضعف الصوف وأول ما تتغير الجبال تصير رملاً مهيلاً ثم عهناً منفوشاً ثم تصير هباء منثوراً {ولا يسأل حميم حميماً} أي لا يسأل قريب قريبه لشغله بشأن نفسه والمعنى لا يسأل الحميم حميمه كيف حالك ولا يكلمه لهول ذلك اليوم وشدته. وقيل لا يسأله الشفاعة ولا يسأله الإحسان إليه ولا الرفق به كما كان يسأله في الدنيا وذلك لشدة الأمر وهول يوم القيامة {يبصرونهم} أي يرونهم وليس في القيامة مخلوق من جن أو إنس إلا وهو نصف عين صاحبه فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسألهم ويبصر حميمه فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه. وقال ابن عباس يتعارفون ساعة من النهار ثم لا يتعارفون بعد ذلك، وقيل يعرف الحميم حميمه ومع ذلك لا يسأله عن حاله لشغله بنفسه. وقيل يبصرونهم أي يعرفونهم أما المؤمن فيعرف ببياض وجهه وأما الكافر فيعرف بسواد وجهه {يود المجرم} أي يتمنى المشرك {لو يفتدي من عذاب يومئذ} أي عذاب يوم القيامة {ببنيه وصاحبته} أي زوجته {وأخيه وفصيلته} أي عشيرته وقيل قبيلته وقيل أقربائه الأقربين {التي تؤويه} أي تضمه ويأوي إليها {ومن في الأرض جميعاً} يعني أنه يتمنى لو ملك هؤلاء وكانوا تحت يده ثم إنه يفتدي بهم جميعاً {ثم ينجيه} أي ذلك الفداء من عذاب الله.

1 | 2